تحية ثورية لكل رفيق...لكل تقدمي

ستنتصر الطبقة العاملة في صراعها حتما ضد البورجوازية

mercredi 22 septembre 2010

لينين:رسالة إلى رفيق في مهامّنا التّنظيميّة

رسالة إلى رفيق حول مهامنا التنظيمية طباعة البريد الإلكترونى
لينين   

كتبه لينين سنة 1902

الرفيق العزيز،


يسرني أن أنزل عند طلبك وأقوم بنقد مسودة أعدت من قبلك بخصوص«منظمة الحزب الثوري في سانت بطرسبورغ» (التي أرجح أن المقصود بها تنظيم عمل حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي في بطرسبورغ). ولما كانت المسألة التي طرحتها على درجة بالغة من الأهمية، فإن من الواجب أن يشترك في مناقشتها كافة أعضاء لجنة سانت بطرسبورغ، لا بل جميع الاشتراكيين الديمقراطيين في عموم روسيا.

اسمح لي، في البداية، أن أعبر لك عن اتفاقي الكامل مع الإيضاح الذي بينت فيه عدم صلاحية التنظيم السابق لـ«العصبة» (أو«الطراز العصبوي»على حد تعبيرك). فأنت تشير إلى انعدام التدريب الجاد والتربية الثورية بين أوساط العمال المتقدمين والى ما يسمى نظام الاختيار الذي يؤيده أنصار، رابوتشي ديلو بزهو ومكابرة متناهيين بزعم استناده إلى المبادئ «الديمقراطية» كما أنك تشير إلى اغتراب العمال عن النشاط الفعال.

فالقضية بالتحديد هي:

1/ الافتقار إلى التدريب الجاد والتربية الثورية (لا بين العمال وحسب وإنما بين المثقفين كذلك).

2/ التطبيق غير المناسب والمسرف لمبدأ الاختيار.

3/ اغتراب العمال عن النشاط الثوري الفعال – هذا هو مكمن النقص الأساسي الذي تعاني منه بالفعل منظمة سانت بطرسبورغ وكثير غيرها من المنظمات المحلية لحزبنا.

إنني متفق كل الاتفاق مع وجهة نظرك الأساسية بصدد المهمات التنظيمية بالقدر الذي أفهم فيه خطوطها العامة كما وردت في الرسالة التي استلمتها منك.

وأتفق معك بالأخص اتفاقا تاما بأن الواجب يدعونا إلى أن نشدد بصفة خاصة على المهمات المرتبطة بالعمل على روسيا كلها وبعمل الحزب ككل. وينعكس هذا في الفقرة الأولى من مسودتك، حيث أنك تبادر إلى القول «أن صحيفة أيسكرا التي لها مراسلين دائمين بين العمال وتربطها صلة وثيقة بالعمل داخل التنظيم، هي المركز القيادي للحزب (لا للجنة أو منطقة من المناطق فحسب)» ولا أبغي هنا إلى الإشارة إلى أن الجريدة يمكن وينبغي أن تكون القائد الإيديولوجي للحزب، تنمي الحقائق النظرية والأسس التكتيكية والأفكار التنظيمية العامة والمهمات التي يجابهها الحزب بصورة عامة في وقت من الأوقات. غير أن القائد العملي المباشر للحركة لا يمكن ان يكون الا مجموعة مركزية خاصة (ولنطلق عليها اتفاقا اسم اللجنة المركزية، مثلا). هذه المجموعة هي التي تديم الصلات المباشرة بكافة اللجان وتظم أفضل القوى الثورية بين الاشتراكيين الديمقراطيين الروس وتقوم بإدارة كافة الشؤون العامة للحزب مثل توزيع الأدبيات وإصدار البيانات وتوزيع القوى وتنسيب الأفراد والجماعات للقيام بالمهمات الخاصة والإعداد للمظاهرات والانتفاضة على نطاق روسيا كلها، الخ. ولما كان من الضروري الحفاظ على أقصى قدر من سرية التنظيم وتأمين الاستمرارية للحركة، لهذا يمكن لحزبنا ويجب عليه أن يمتلك مركزين قياديين هما ص.م(الصحيفة المركزية) و ل. م(اللجنة المركزية)، تقع على الأول مسؤولية القيادة الإيديولوجية وعلى الثاني مسؤولية القيادة المباشرة والعملية. من الضروري تأمين وحدة العمل والتعاضد المطلوب بين هاتين المجموعتين لا من خلال برنامج واحد للحزب وحسب وإنما من خلال تركيب كلا المجموعتين أيضا (إذ أن المجموعتين ص.م و ل.م يجب أن تتألفا من أشخاص ينسجمون فيما بينهم انسجاما كليا) وعقد كونفرنس مشترك بصورة دورية ومنتظمة. في تلك الحالة فقط يمكن أن تكون الصحيفة المركزية، من جهة، بعيدة عن متناول الشرطة الروسية ويضمن لها الثبات والاستمرارية، في نفس الوقت الذي تكون فيه اللجنة المركزية منسجمة مع الصحيفة المركزية بخصوص جميع القضايا الأساسية وتتمتع بصلاحية كافية لتتولى أمر العناية بكافة الجوانب العملية من الحركة بصورة مباشرة.

لهذا فإن من المستحسن أن لا تشير الفقرة الأولى من النظام الداخلي(كما وردت في مسودتك) فقط إلى أي من صحافة الحزب يجب اعتبارها الصحيفة المركزية (وهذا ضروري بالطبع) بل أن عليها أن تنص كذلك على قيام المنظمة المحلية المعنية بمهمة العمل بنشاط في سبيل خلق تلك المؤسسات المركزية التي لا يمكن للحزب أن يوجد من دونها، وإسناد هذه المؤسسات ومن ثمة تعزيزها.

ثم. تقول في الفقرة الثانية أن اللجنة ينبغي أن«توجه المنظمة المحلية» (وقد يكون من المستحسن القول: «العمل المحلي كله وسائر منظمات الحزب المحلية»، بيد أني لا أريد الاستغراق في تفصيلات تتعلق بالصياغة) وتتألف من عمال ومثقفين معا، لأن من شأن تقسيمها أن لا يؤدي إلا إلى الضرر. وهذا صحيح جدا ولا ريب. ينبغي أن لا تكون هناك إلا لجنة واحدة لحزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي ومن الواجب أن تتألف هذه اللجنة من اشتراكيين ديمقراطيين يمتلكون قناعة تامة ويكرسون أنفسهم تكريسا تاما إلى النشاطات الاشتراكية الديمقراطية. علينا أن نقوم بسعي خاص من أجل توفير أكبر عدد ممكن من العمال الذين يملكون وعيا طبقيا مكتملا ويعملون كثوريين محترفين وأعضاء في اللجنة (1). وحال أن تصبح هناك لجنة منفردة لا مزدوجة. حتى تحتل مسالة المعرفة المباشرة لأعضاء اللجنة بعدد واسع من العمال أهمية خاصة. ولكي نأخذ زمام القيادة في كافة الشؤون التي تجري داخل أوساط العمال، يجب أن نكون قادرين على الوصول إلى جميع الأحياء وان نعرف أكبر عدد من العمال وأن تكون تحت تصرفنا مختلف سبل الاتصال، الخ.الخ. لهذا السبب ينبغي أن تنضم اللجنة، قدر الإمكان بين صفوفها كافة القادة الرئيسيين في حركة الطبقة العاملة من بين العمال أنفسهم. وعليها أن توجه كافة جوانب الحركة المحلية وتتولى أمر العناية بكافة المؤسسات والقوى والموارد المحلية التي تحت تصرف الحزب. أنت لا تذكر شيئا عن الكيفية التي يجب بها تشكيل اللجنة ــوالأرجح أن علينا هنا أن نتفق معك بان من الناذر أن تستدعي الضرورة توفر قواعد خاصة في هذا الشأن. فالكيفية التي تتشكل بها إنما هي مسألة يقررها الاشتراكيون الديمقراطيون أنفسهم عند الحاجة، إلا أنه قد تبقى هناك ضرورة للإشارة إلى وجوب إضافة أعضاء جدد إلى اللجنة بقرار تتخذه أغلبية (أو ثلثي، الخ) أعضائها وعلى اللجنة أن تتأكد بأن قائمة اتصالاتها قد أودعت إلى جبهة موثوقة، من وجهة ثورية، وأمينة، بالمعنى السياسي، وأنها قامت سلفا بإعداد قائمة بالأعضاء المرشحين إليها. بعد قيام لجنة الصحيفة المركزية يجب التوقف عن تشكيل أية لجان جديدة إلا من خلال التعاون معهما وبموافقتهما. يجب أن لا تضم اللجان، قدر المستطاع، عدد واسعا من الأعضاء في صفوفها (لكي يكون بالإمكان تأليفها من أناس يملكون حظا جيدا من التعليم، ويتقن كل منهم فنون الفرع الذي يعمل فيه من فنون النشاط الثوري) بيد أنها ينبغي أن تظم في الوقت نفسه عددا يكفي لتولي أمر العناية بكافة جوانب العمل وضمان التمثيل الكامل والقرارات الملزمة. وإذا صادف أن كان عدد الأعضاء كبيرا للغاية وكان أمر اجتماعهم محفوفا بالمخاطر في غالب الأحيان فقد يكون من الضروري عندها انتقاء مجموعة تنفيذية خاصة وصغيرة للغاية من بين أعضاء اللجنة (على أن لا يزيد العدد عن خمسة مثلا، وحتى اقل من ذلك). ولابد أن تضم هذه المجموعة سكرتير اللجنة والأعضاء الذين يتمتعون بأفضل مقدرة على التوجيه العملي لسائر جوانب العمل. من الأهمية بمكان توفير أعضاء احتياط لهذه المجموعة حتى لا تستدعي الضرورة إيقاف العمل وقت الاعتقالات. ويجب أن تخضع نشاطات المجموعة التنفيذية وعضويتها، الخ إلى موافقة اجتماع عام تعقده اللجنة .

ثم انك تقترح تشكيل المؤسسات التالية بعد اللجنة شريطة أن تكون خاضعة لها:

1/ اجتماعات المناقشة(كونفرسات «أفضل»الثوريين).

2/ حلقات المنطقة.

3/ حلقة للدعاة ملحقة بكل حلقة من تلك الحلقات.

4/ حلقات المصنع.

5/ «اجتماعات ممثلي» المندوبين من حلقات المصنع في منطقة معينة.

أتفق معك تماما بأن كافة المؤسسات اللاحقة والتي ينبغي أن يوفر منها عدد كبير للغاية وعلى درجة متناهية من التنوع، إضافة إلى تلك التي أتيت على ذكرها، يجب أن تكون خاضعة إلى اللجنة، وأن من الضروري أن تكون هناك مجموعات منطقة (للمدن الكبيرة جدا) ومجموعات مصنع (دوما وفي جميع الأماكن). لكن يبدو أنني لا أتفق معك تمام الاتفاق حول عدد من التفصيلات. منها على سبيل المثال ما يتعلق بــ«اجتماعات المناقشة» التي أعتقد أنها غير ضرورية على الإطلاق. ينبغي أن يكون «أفضل» الثوريين في اللجنة أو ينخرطون في مهمات خاصة (الطباعة، النقل، الجولات التحريضية، تنظيم مكتب للجوازات، مثلا، أو فصائل صدامية لمكافحة الجواسيس والمندسين أو مجموعات في الجيش، الخ).

تعقد«الكونفرسات» في اللجنة وفي كل منطقة، وفي كل حلقة من حلقات الدعاية والمهنة (النساجين، الميكانيكيين والدباغين، الخ)والطلبة والأدب الخ. فلماذا يجب أن نجعل من الكونفرسات مؤسسة خاصة؟

ثم إنكم تطالبون لسبب مبرر تماما بفتح باب الكتابة إلى أيسكرا مباشرة أمام «كل من يريد ذلك» عدا أن كلمة «مباشرة» ينبغي أن لا يفهم منها بأن كل من يريد ذلك يجب أن تيسر له سبل الوصول إلى مكتب التحرير أو عنوان الجريدة، إنما يكون من الملزم تسليم (أو إرسال) المراسلات الموجهة إلى المحررين من كافة الراغبين بذلك. طبيعي يجب أن تكون العناوين معروفة إلى حلقة واسعة نسبيا. إلا أن من الضروري عدم إعطائها لأي كان بل فقط إلى الثوريين الموثوقين الذين يعتد بمقدرتهم على التقيد بمتطلبات السريةــ وقد لا يشمل هذا شخصا فقط في كل منطقة، مثلما تقترح، وإنما عدة أشخاص. كما أن من الواجب أن يكون لجميع الذين يساهمون في عملناــ جميع الحلقات منفردة ومجتمعة ــ حق لفت انتباه اللجنة إلى قراراتهم ورغباتهم وطلباتهم، وليس اللجنة وحدها بل وص.م و ل.م كذلك، فإذا ما ضمنا هذا ستتمتع سائر كونفرسات موظفي الحزب بمزية الحصول على المعلومات الكاملة من دون أن تكون مضطرة إلى تأسيس أي شيء بالغ الإرهاق ومتناقض مع قواعد السرية مثل «اجتماعات المناقشة». طبيعي، ينبغي علينا أن نحاول كذلك ترتيب الكونفرسات الشخصية لأكبر عدد ممكن من الموظفين دون استثناء. بيد أن كل شيء هنا يتوقف على مراعاة السرية. فالاجتماعات والتجمعات العامة غير ممكنة في روسيا إلا في أحوال ناذرة وفي حالات استثنائية. ولهذا فان من الضروري مضاعفة حذرنا عند السماح إلى«أفضل الثوريين» بحضور مثل هذه الاجتماعات، طالما كان من اليسير على المندسين الحضور إليها أو على الجواسيس تعقيب بعض المساهمين في الاجتماع(2).سوف يكون من الأفضل كما اعتقد أن نعمل على النحو التالي: عندما تتوفر إمكانية لتنظيم اجتماع كبير عام (يضم بين 30 إلى 100 شخص مثلا، أثناء الصيف في الغابات أو في شقة سرية توفرت فيها احتياطات أمنية خاصة لهذا الغرض.

يجب على اللجنة أن تبعث بشخص واحد أو شخصين من«أفضل الثوريين» وتتأكد بأن الناس المناسبين هم الذين يحضرون الاجتماع، أي، أن توجه الدعوة، مثلا، إلى أكبر عدد من الأعضاء الذين يوثق بهم في حلقات المعمل، الخ. إلا أن من الضروري أن لا يكون لهذه الاجتماعات أي محضر رسمي وأن لا تثبت في النظام الداخلي ولا أن تعقد بصورة منظمة. كما ينبغي عدم وضع الترتيبات على نحو يتيح لكل من يحضر الاجتماع معرفة الآخرين هناك، أي أن يعرف كل واحد أنه«ممثل» لإحدى الحلقات، الخ. لهذا تراني لا أعارض فقط «اجتماعات المناقشة» وإنما «اجتماعات الممثلين» على حد سواء. بدلا من هاتين المؤسستين، أقترح وضع قاعدة لهذا الغرض. يجب على اللجنة السعي إلى تنظيم اجتماعات واسعة تضم أكبر عدد ممكن من المساهمين الذين يأخذون على عاتقهم تنفيذ المهمات العملية في الحركة، وللعمال بصورة عامة. تقوم اللجنة بتحديد زمان ومكان الاجتماع والمناسبة الداعية إلى انعقاده، ويعهد إلى اللجنة مسؤولية إجراء الترتيبات السرية لمثل هذه القضايا. بديهي أن تنظيم تجمعات للعمال ذات طابع أقل رسمية أثناء النزهات أو التجول في الغابات، الخ لا يتقيد بهذه القاعدة أبدا. وقد يكون من المستحسن أن لا يجري ذكرها مطلقا في النظام الداخلي.

ثم. مجموعات المنطقة. أتفق معك تماما أن من بين أهم المهمات التي يجب أن تنهض بها هي تنظيم توزيع الأدبيات بصورة مناسبة. وأعتقد أن على مجموعات المنطقة أن تلعب من حيث الأساس دور الوسطاء بين اللجان والمعامل، وسطاء بل وحتى مراسلين. ينبغي أن تكون المهمة الرئيسية لها التوزيع المناسب للأدبيات المستلمة من اللجنة بالصورة التي تتفق مع قواعد السرية. وهذه مهمة على درجة بالغة من الأهمية، لأننا إذا استطعنا أن نؤمن صلة منتظمة بين مجموعة توزيع خاصة بالمنطقة وسائر العمال في تلك المنطقة وكذلك بأكبر عدد ممكن من بيوت العمال في المنطقة نفسها فان ذلك سوف يكتسب قيمة كبيرة سواء لأغراض المظاهرات أم لتنظيم انتفاضة. إن ترتيب وتنظيم التسليم المناسب والسريع للأدبيات والمنشورات والنداءات الخ، وتدريب شبكة من الوكلاء لهذا الغرض معناه إنجاز القسم الأعظم من العمل التحضيري لقيام مظاهرات أو انتفاضة في المستقبل. ففي أوقات الاضطرابات أو عند حدوث إضراب أو غليان يكون قد فات للشروع بتنظيم توزيع الأدبيات، إذ أن مثل هذا العمل لا يمكن بناءه إلا على نحو تدريجي وذلك من خلال جعل التوزيع إلزاميا مرتين أو ثلاث مرات من الشهر الواحد. وإذا لم تتوفر الصحف، فإن من الممكن والواجب توزيع المنشورات لأن ماكنة التوزيع ينبغي أن لا تبقى عاطلة مهما كانت الأسباب. وبهذا السبب يجب أن يرفع مستوى هذه الماكنة إلى درجة الكمال لكي يكون بالإمكان إعلام وتعبئة كافة أبناء الطبقة العاملة في سانت بطرسبورغ بين ليلة وضحاها، إذا جاز التعبير، وهذا الهدف ليس نوعا من الطوباوية أبدا، شريطة أن يتوفر هناك إرسال منتظم من المركز إلى أضيق حلقات الوسطاء ومن هذه إلى الموزعين. وحسب اعتقادي يجب أن لا تتجاوز وظائف مجموعات المنطقة حدود عمل الوساطة والإرسال، وإذا شئنا الدقة، يجب أن لا يتوسع عملها إلا بعد اتخاذ أقصى الحيطة وإلا فلن يؤدي ذلك إلا إلى تعاظم خطر الانكشاف وتعريض سلامة العمل إلى الضرر. طبيعي، تجري كونفرنسات مناقشة جميع المسائل المتعلقة بالحزب داخل حلقات المنطقة أيضا، بيد أن من الواجب اتخاذ القرارات التي تخص كافة المسائل العامة للحركة المحلية من قبل اللجنة وحدها. ويجب عدم السماح لمجموعات المنطقة بان تتصرف كما يحلو لها إلا في المسائل التي تخص الجانب الفني للإرسال والتوزيع. ينبغي أن يناط تركيب مجموعات المنطقة باللجنة، بمعنى أن اللجنة تعين احد أعضائها أو اثنين منهم (أو حتى بعض الرفاق ممن ليسوا أعضاء في اللجنة) كمندوبين إلى هذه المنطقة أو تلك وتزويدهم بتعليمات تتعلق بتشكيل مجموعة منطقة يعين جميع أعضائها في مناصبهم، إذا صح التعبير، من قبل اللجنة. فمجموعة المنطقة هي فرع للجنة لا تستمد صلاحياتها إلا من هذه الأخيرة.

_________________________

(1): علينا أن نحاول إدخال عمال ثوريين إلى اللجنة يمتلكون أوسع الصلات بجماهير العمل، وأفضل «سمعة».

(2): لا بد أن يفهم العمال انه في الوقت الذي يكون فيه قتل الجواسيس والمندسين والخونة أمر لا محيد عنه تماما في بعض الأحيان، طبعا، إلا أن من غير المستحسن ومن الخطأ الفاحش أن نحول ذلك إلى نظام . إن علينا أن نسعى إلى خلق منظمة قادرة على شل الجواسيس عن طريق تعريتهم وتعقبهم إلا أن من المستحيل القضاء على جميع الجواسيس.

 

 

أنتقل الآن إلى مسألة حلقاة الدعاة. من المحال تقريبا تنظيم مثل هذه الحلقات بصورة منفصلة في كل منطقة على حدة ويعود ذلك إلى ندرة قوى الدعاة لدينا كما أن من النادر أن يكون ذلك مستحسنا فالدعاية يجب القيام بها بروحية واحدة من قبل اللجنة كلها وينبغي أن تكون مركزية تماما. لهذا فان رأيي حول هذه المسألة يلخص كالتالي:

تصدر اللجنة تعليماتها إلى عدد من أعضائها لتنظيم مجموعة من الدعاة (تكون فرعا من فروع اللجنة أو واحدة من المؤسسات التابعة لها ) ولفرض الحفاظ على سرية العمل، على هذه المجموعة أن تستفيد من خدمات مجموعات المنطقة وتقوم بالدعاية في سائر أرجاء البلدة وضمن كافة الأحياء «الداخلة ضمن اختصاص» اللجنة. وإذا استدعت الضرورة، يحق لهذه المجموعة إقامة عدد من المجموعات المتفرعة، تعهد إليها، مثلا، بقسم من وظائفها، غير أن كل هذا لا يمكن القيام به من دون موافقة اللجنة التي لها دائما أن تمتلك الحق غير المشروط في إرسال من ينوب عنها إلى أية مجموعة أو مجموعة متفرعة أو حلقة، مهما كانت صلتها بالحركة.

يجب تبني نفس نمط التنظيم ونفس النوع من فروع اللجنة أو مؤسساتها في مختلف المجموعات العاملة في الحركة بكافة أشكالها ــ المجموعات الطلابية في المدارس العالية والثانوية، المجموعات المؤيدة لنا بين موظفي الحكومة، مثلا، مجموعات النقل والطباعة والجوازات، مجموعات تنظيم أماكن الاجتماعات السرية، مجموعة تعقيب الجواسيس، المجموعات العسكرية، مجموعات تزويد السلاح، مجموعات تنظيم «المشروعات المربحة ماليا»، مثلا، الخ. يجب أن يقوم كامل فن إدارة التنظيم السري على الاستفادة من كل ما هو ممكن، وفي «إعطاء كل فرد واجبا يقوم به» في عين الوقت الذي يجري فيه الاحتفاظ بقيادة الحركة كلها لا بفضل الصلاحيات التي تتمتع بها فقط وإنما بفضل النفوذ والإمكانية وتوفر قدر أعظم من الخبرة والقدرات المتعددة والموهبة. وهذه الملاحظة أبديتها للرد على اعتراض منتظر ومعتاد بأن المركزية الصارمة يمكن أن تقوض الحركة بمنتهى السهولة إذا حدث وكان في المركز شخص غير مقتدر تناط به سلطات واسعة. هذا ممكن بطبيعة الحال، بيد أن تحاشيه باللجوء إلى مبدأ الاختيار واللامركزية، التي لا يجوز تطبيقها على نطاق واسع في ظل الحكم الأوتوقراطي. ولا يمكن لأي نظام داخلي أن يوفر سبل الوقوف بوجهه. فمثل هذه السبل لا تتوفر إلا من خلال إجراءات «التأثير الرفاقي»، ابتداء من قرارات كل مجموعة متفرعة سوية وعلى انفراد، مقترنة بنداءاتها إلى ص.م و ل.م وانتهاء بإزاحة الأشخاص المسؤولين (إذا سارت الأمور من سيء إلى أسوأ) الذين لا تتوفر لديهم القدرة إطلاقا. يجب على اللجنة أن تسعى إلى تحقيق أقصى قدر ممكن من تقسيم العمل الثوري من قابليات متنوعة وما يصادف أحيانا من وجود شخص قد لا ينفع أبدا كمنظم ولكنه ربما أصبح محرضا لا يقدر بثمن أو شخص لا تتوفر فيه الصفات المطلوبة في أداء العمل السري الدقيق لكنه يمكن أن يصبح داعية ممتازا، الخ.

ولما كنا لا نزال في موضوع الدعاة، أود بالمناسبة أن أوجه انتقادا موجزا إلى الممارسة المعتادة التي تـتخم هذا العمل بأناس لا قبل لهم عليه فيؤدي ذلك بالنتيجة إلى انخفاض مستوى الدعاية. هناك عادة تتفشى أحيانا بيننا وهي اعتبار كل طالب بمثابة داعية، من دون تمييز كما أن كل شاب يطالب لنفسه إسناد حلقة من حلقات الدعاية إليه الخ. يجب الوقوف ضد هذه الممارسة لأنها مصدر لكثير من الضرر. هناك عدد قليل للغاية من الدعاة الذين يتصفون بمبدئية ثابتة ويتمتعون بمقدرة حقة (و لكي يصل المرء الى هذا المستوى ،عليه ان يبذل مجهودا كبيرا في الدرس و تكديس الخبرة).اناس مثل هؤلاء يجب ان يتخصصوا اذن ولكن في مثل هذا النوع من العمل، تخصصا كليا و تبذل لهم العناية الفائقة. ينبغي ان يلقى هؤلاء الناس عددا من المحاضرات كل اسبوع ويرسلون الى المدن الاخرى اذا اقتضت الضرورة .وعلى العموم يجب ان يقوم الدعاة المتمكنون بجولات في مختلف المدن الصغيرة و الكبيرة. غير ان من اللازم ان تعهد الى جمهرة الشباب المهمات العملية اساسا ، التي يجري تجاهلها الى حد ما بالمقارنة مع ادارة الطلبة للحلقات التي يطلق عليها ظلما اسم حلقات «الدعاية» . طبيعي ان يكون التدريب الشامل مطلوبا كذلك في المشروعات العملية الخطيرة . مع هذا فان من الممكن توفير العمل في هذا الحقل بسهولة الى «المبتدلين» ايضا.

ننتقل الان الى حلقات المصنع .تتسم هذه باهمية خاصة بالنسبة لنا .فالمصانع الواسعة (و المعامل) لا تضم القسم الغالب من الطبقة العاملة، عدديا، وحسب بل واكثر من ذلك انها تضم اكبر اقسامها نفوذا وتطورا وقدرة على الكفاح . ينبغي ان نجعل من كل مصنع حصنا لنا . لذلك يجب ان تكون منظمة كل «مصنع» سرية من الداخل بقدر ما هي «متشبعة» من الخارج، أي انها في علاقاتها الخارجية يجب ان تمد مجالاتها الى ابعد مسافة ممكنة وباكثر ما يكون من الاتجاهات مثلما هو مطلوب من اية منظمة ثورية .على ان اؤكد كذلك ،هنا، ضرورة ان تكون مجموعة من الثوريين هي النواة، القائد،«المعلم». ولا بد ان نبتعد كلية عن النمط التقليدي للمنظمات الاشتراكية الديمقراطية العمالية الصرف او النقابية الصرف، بما في ذلك حلقات«المصنع» . فمجموعة المصنع او لجنة المصنع (المعمل) — تميزا لها عن المجموعات الاخرى التي ينبغي ان يتوفر منها عدد كبير — ينبغي ان تتالف من عدد صغير للغاية من الثوريين الذين يتلقون التعليمات و الصلاحيات التي يتمتعون بها لمواصلة العمل الاشتراكي الديمقراطي باجمعه في المصنع من اللجنة مباشرة . حتى ان عضو لجنة المصنع علية ان يعتبر نفسه وكيلا من وكلاء اللجنة، ملزما بالخضوع الى جميع اوامرها و التقيد بكافة «القوانين و الاعراف» الخاصة «بجيش في الميدان» انضوى تحت لوائه ولم يعد له الحق في التغيب عنه ايام الحرب دون اجازة رسمية . لذلك فان تركيب لجنة المصنع مسالة تتمتع باهمية بالغة، وتعد من بين الواجبات الرئيسية للجنة السهر على توفير التنظيم المناسب لهذه اللجان المتفرعة. وهذا هو تصوري لها :تصدر اللجنة الاوامر الى قسم من اعضائها (اضافة الى بعض العمال، مثلا، ممن لم يجر ضمهم الى عضوية اللجنة لهذا السبب اوذاك ولكنه على قدر كبير من الفائدة بفضل الخبرة التي يتمتع بها ومعرفته بالناس والذكاء و الصلات التي تربطه بالاخرين) لتنظيم اللجان المتفرعة في سائر الامكنة . تتشاور هذه المجموعة مع ممثلي المنطقة وترتب اجراء عدد من الاجتماعات وتدقق تدقيقا شاملا في الاعضاء المرشحين للجان المصنع المتفرعة و تخضعهم الى استجواب دقيق وتضعهم قيد الاختيار كلما دعت الضرورة لذلك وتحاول بصورة مباشرة ان تفحص وتدقق اكبر عدد ممكن من الاعضاء المرشحين الى اللجان المتفرعة الى المصنع المعني وتقدم في خاتمة المطاف قائمة باعضاء كل حلقة من حلقات المصانع الى اللجنة للموافقة عليعا او تقترح اعطاء الصلاحية الى عامل محدد لكي يؤسس او ينتقي لجنة متفرعة كاملة. بهذه الطريقة يمكن لللجنة ان تحدد من يبقى من هؤلاء الوكلاء على صلة معها وكيف يمكن ادامتها (كقاعدة عامة من خلال ممثلي المنطقة، غير ان هذه القاعدة من الممكن استكمالها وتعديلها). ونظرا لما لهذه اللجان المتفرعة للمصنع من اهمية . يجب علينا ان نسهر قدر الامكان حتى تمتلك كل لجنة متفرعة عنوانا تستطيع بواسطته توجيه اتصالاتها ب ص.م. وايداع قائمة اتصالاتها في مكان امين (أي ان المعلومات المطلوبة لاعادة تاسيس اللجنة المتفرعة على الفور في حالة الاعتقالات تنقل بصورة منتظمة وكاملة الى مركز الحزب ولهذا يجب الاحتفاظ بها في مكان امين لا تستطيع ان تصل اليه الشرطة الروسية) ،تبعا لما تراه وعلى اساس الوقائع التي بحوزتها. لا على اساس حق لا وجود له بتوزيع هذه العناوين توزيعا «ديمقراطيا» .

وأخيرا ، فقد لا يكون أمرا زائدا عن اللزوم الإشارة إلى أن الضرورة ربما حتمت أحيانا أو كان من المناسب أكثر,الاقتصار على تعيين وكيل واحد من اللجنة (وبديل عنه) بدلا من تشكيل لجنة متفرعة للمصنع تتكون من عدة أعضاء.فور تكوين هذه اللجنة عليها الشروع بتنظيم عدد من مجموعات وحلقات المصنع تقوم بمختلف المهمات وتتفاوت من حيث درجة السرية والشكل التنظيمي.مثلا,حلقات لاستلام وتوزيع الأدبيات (وهذه من أهم الوظائف التي ينبغي تنظيمها بهدف أن توفر لنا خدمات بريدية حقة تعود لنا ومن اجل أن تكون بحوزتنا طرقا مجربة وفعالة لا لتوزيع الأدبيات فقط وإنما لتسليمها إلى البيوت كذالك وتوفير معلومات محددة بعناوين العمال وطرق الوصول إليها) وحلقات لقراءة الأدبيات الممنوعة ومجموعات لتعقب الجواسيس وحلقات لإعطاء توجيه خاص إلى الحركة النقابية والكفاح الاقتصادي,حلقات المحرضين الدعاة تعرف كيف تثير الأحاديث الطويلة وتواصلها بطريقة مشروعة تماما (حول المكائن,المفتشين,الخ ) وبذالك تكون قادرة على التحدث باطمئنان وعلانية وتستطيع التعرف على الناس وتستكشف حقيقة أوضاع,الخ(3 ).على اللجنة المتفرعة للمصنع أن تحاول شمول المصنع كله والقسم الأكبر من العمال وتكون لها شبكة من جميع أشكال الحلقات(أو الوكلاء).إن نجاح اللجنة المتفرعة في نشاطاتها ينبغي أن يقاس استنادا إلى وفرة عدد مثل هذه الحلقات وامتلاكها للدعاة المتجولين وقبل كل شيء صحة العمل المنظم في توزيع الأدبيات وجمع المعلومات والمراسلات.

باختصار, يجب أن يكون النمط العام، حسب ما أرى، كالتالي: لابد أن تكون هناك لجنة على رأس الحركة المحلية بأسرها، للنشاطات الاشتراكية الديمقراطية المحلية كلها. عن هذه اللجنة تتفرع المؤسسات والفروع التابعة لها مثل أولا شبكة الوكلاء التنفيذيين التي تضم (قدر الإمكان) جمهرة الطبقة العاملة كلها وتنظم على شكل مجموعات منطقة ولجان متفرعة للمصنع (أو المعمل). تنخرط هذه الشبكة وقت السلم في توزيع الأدبيات والبيانات والنداءات والاتصالات السرية باللجنة وتنظم في أوقات الحرب المظاهرات وغيرها من النشاطات الجماعية. ثانيا، تتفرع اللجنة كذلك إلى حلقات ومجموعات من شتى الأنواع تخدم الحركة كلها (دعاية، نقل، سائر أشكال النشاط السري، الخ) وعلى كافة المجموعات والحلقات واللجان المتفرعة الخ، التمتع بمركز لجنة ولجنة متفرعة. قسم منها سيعلن جهارا عن رغبته في الانضمام إلى حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي، وإذا وافقت اللجنة على ذلك فإنه سينضم إلى الحزب ويتعهد بأداء وظائف محددة (بأوامر من اللجنة أو بالاتفاق معها)، وعليه أن يطيع أوامر أجهزة الحزب وتكون له نفس حقوق الأعضاء الآخرين ويعتبر في الحال مرشحا إلى عضوية اللجنة، الخ.. آخرون سوف لن ينضموا إلى عضوية حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي بل ينتظمون بحلقات يشكلها أعضاء الحزب أو تكون لهم علاقة بإحدى المجموعات الحزبية أو الأخرى، الخ.

أما فيما يخص بالمسائل الداخلية فيكون جميع أعضاء هذه الحلقات على قدم المساواة مع جميع أعضاء اللجنة. الاستثناء الوحيد هو حق الاتصال المباشر باللجنة المحلية (وكذلك ل.م و ص.م.)الذي يقتصر على شخص (أو أشخاص) يعينون لهذا الغرض من قبل اللجنة. هذا الشخص أو الأشخاص يبقون في كافة المجالات الأخرى على قدم المساواة مع الآخرين اللذين يكون من حقهم تقديم البيانات(لا بصفتهم الشخصية) إلى اللجنة المحلية والى ل.م.و ص.م. ويترتب على ذلك أن الاستثناء المشار إليه لن يشكل أي انتهاك أبدا لمبدأ المساواة، إنما هو مجرد تنازل ضروري لمتطلبات العمل السري التام. إن عضو اللجنة الذي يمتنع عن نقل اتصال من قبل جماعته «هو» إلى اللجنة أو ل.م أو ص.م. يكون مذنبا بتهمة الخرق المباشر لواجب حزبي. ثم إن درجة سرية مختلف الحلقات والشكل التنظيمي لها سيتوقف على طبيعة الوظائف. ولهذا فسوف تكون المنظمات تبعا لذلك متنوعة للغاية (تتراوح ما بين نمط التنظيم الأشد ضيقا وصرامة وأكثره محدودية إلى النمط «الأكثر حرية» وسعة وانفتاحا الذي لا يقوم على أساس صارم). على سبيل المثال، يجب الحفاظ على السرية التامة والضبط العسكري في مجموعات التوزيع. كما أن من الضروري الحفاظ على السرية في مجموعات الدعاة، ولكن الضبط العسكري فيها أيضا يكون أقل بدرجة كبيرة. كما تتطلب مجموعات قراءة الأدبيات الممنوعة أو تنظيم المناقشات حول الحاجات والمطالب النقابية أقل سرية من ذلك، وهلم جرا. يجب أن تكون مجموعة التوزيع تابعة إلى حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي ولديها معرفة بعدد محدد من أعضائه وموظفيه. ولا يشترط بمجموعات دراسة ظروف العمل وصياغة المطالب النقابية أن تكون تابعة إلى حزب العمال الاشتراكي الروسي. كما أن على مجموعات الطلبة والضباط أو موظفي الدولة المنخرطة في التثقيف الذاتي بالاشتراك مع أحد أعضاء الحزب أو اثنين أن لا تشعر أحيانا بأن لهذا التثقيف أدنى علاقة بالحزب، الخ. بيد أننا نطالب في حالة واحدة مطالبة قاطعة بأقصى درجة من التنظيم في سائر هذه المجموعات المتفرعة وتلك هي أن كل عضو من أعضاء الحزب ينتمي إلى مجموعة كهذه مسؤول مسؤولية رسمية عن توجيه العمل في المجموعة أن عليه اتخاذ كل إجراء يراه مناسبا حتى يكون تركيب كل مجموعة من هذه المجموعات أو ميكانيزم عملها كله ومحتوى ذلك العمل معروفا إلى أقصى حد ممكن إلى ل.م. و ص.م. وهذا أمر تستدعيه الضرورة حتى تكون عند المركز صورة كاملة عن الحركة كلها ويكون اختيار مختلف المراكز الحزبية من بين أوسع دائرة ممكنة من الناس وتتعلم كافة المجموعات ذات الطابع المتماثل في سائر أرجاء روسيا الواحدة إثر الأخرى(بواسطة المركز) وتحذر في حالة ظهور مندسين أو مشبوهين. وباختصار فإن الأمر ضروري ضرورة مطلقة وحيوية في جميع الحالات.

كيف يمكن تحقيق ذلك؟ عن طريق تقديم تقارير منظمة إلى اللجنة، إرسال أكبر قدر من محتوى أكبر عدد من التقارير إلى ص.م.، اتخاذ الترتيبات التي تسهل على أعضاء ل.م. واللجنة المحلية زيارة مختلف الحلقات، وأخيرا جعل أمر تسليم قائمة الاتصالات مع هذه الحلقات أمرا إلزاميا إلى اللجنة وإلى المكتب الحزبي ل ص.م. و ل.م.، أي أسماء وعناوين عدد من أعضاء كل حلقة لغرض صيانتها. من غير الممكن اعتبار عضو الحزب الذي ينتمي إلى واحدة من هذه الحلقات قد أدى واجبه إلا عند تقديم التقارير وإرسال الاتصالات. وفي تلك الحالة فقط يكون الحزب كله في وضع يستطيع فيه أن يتعلم من كل حلقة تقوم بتنفيذ العمل التنظيمي. وعندها فقط تفقد الاعتقالات والكمائن ذلك الذعر الذي تثيره بين صفوفنا، ذلك لأنه إذا أمكن الحفاظ على الصلات مع مختلف الحلقات، فإن من السهل عندها على مبعوث من ل.م. أن يجد البديل فورا ومن ثم يستأنف العمل.لهذا فإن اعتقال لجنة من اللجان لن يؤدي إلى دمار الماكنة بأكملها، بل يزيح القادة فقط الذين يوجد لهم على الدوام مرشحين معدين سلفا. ولا داعي للتحجج بأن إرسال التقارير والاتصالات أمر مستحيل بسبب ضرورة الحفاظ على سرية العمل: فطالما كانت الرغبة متوفرة، فإن بالإمكان وسيكون بالإمكان دائما تسليم (أو إرسال) التقارير والاتصالات طالما كنا نمتلك لجنة ل.م. و ص.م. .

 

ينقلنا هذا إلى مبدأ هام للغاية لكافة منظمات الحزب ونشاطاته، ففي الوقت الذي تحتم فيه الضرورة توفر أقصى قدر من المركزية فيما يتعلق بالقيادة الإيديولوجية والعملية للحركة والكفاح الثوري للبروليتاريا، هناك بالمقابل ضرورة لتوفر أقصى قدر من اللامركزية فيما يتعلق بجعل مركز الحزب (وبالتالي الحزب كله) على علم بأحوال الحركة وما له علاقة بالمسؤولية إزاء الحزب. يجب أن تودع قيادة الحركة بيد أصغر عدد ممكن من الثوريين المحترفين الذين يأتلفون في جماعات على أقصى قدر من التجانس وأقصى قدر من الخبرة العملية. على المساهمين بالحركة أن يتغلغلوا إلى أكبر عدد ممكن من المجموعات المتنوعة والمتنافرة إلى أقصى الحدود من أقسام البروليتاريا المتنوعة غاية التنوع (وكذلك إلى الطبقات الأخرى من الشعب). يجب أن تكون بحوزة الحزب لا المعلومات الدقيقة فقط المتعلقة بنشاطات كل مجموعة من هذه المجموعات بل وأكمل المعلومات الممكنة بخصوص تركيبها كذلك. علينا أن نمركز قيادة الحركة. ولهذا فإن علينا كذلك (ولذلك السبب بعينيه، لأنه من دون توفر المعلومات تصبح المركزية أمرا غير ممكن)، وبقدر ما نستطيع أن نضفي طابعا لا مركزيا على المسؤولية من الحزب من جانب جميع أعضائه كأفراد ومن جانب كل من له دور في العمل ومن كل حلقة تعود إلى الحزب أو على اتصال به. هذه اللامركزية شرط مسبق للمركزية الثورية ودواء شاف لها، وعندما تتحقق المركزية كما ينبغي وتكون بحوزتنا ص.م. و ل.م.، عندها فقط يمكن لكل مجموعة، مهما بلغت من الصغر، أن تتصل بها ــ ولا تتصل بها فقط، بل وتتصل بها على نحو منتظم بفضل نظام قام على خبرة سنوات. وفي تلك الخالة فقط يمكن القضاء على إمكانية نشوء عواقب وخيمة من جراء تركيب غير مناسب حدث صدفة لإحدى اللجان المحلية. وإذ نوشك الآن أن نصل إلى وحدة فعلية للحزب وخلق مركز قيادي حقيقي، يجب علينا أمن نتذكر جيدا أن هذا المركز سيكون عاجزا، إذا لم ندخل عليه في الوقت ذاته أقصى قدر من اللامركزية، سواء ما تعلق من ذلك بالمسؤولية إزاء المركز أو إبقائه على علم بكل صغيرة وكبيرة في الوجه الآخر من تقسيم العمل الذي يعتبر عادة واحدا من ألح الضرورات العملية لحركتنا ولا يستطيع أي اعتراف رسمي بمنظمة من المنظمات على أساس كونها المركز القيادي ولا إنشاء ل.م. شكلية، لا يستطيع هذا كله أن يجعل من حركتنا حركة موحدة بحق أو الماكنة الحزبية. وهذه اللامركزية ليست أكثر من حركة تؤدي إلى خلق حزب جهادي ثابت، إذا استمر مركز الحزب مقطوعا عن العمل التطبيقي المباشر من قبل الجان المحلية من النمط القديم أي تلك اللجان التي تتألف من جانب من خليط منتظم من الأشخاص كل منهم يقوم بكافة الأعمال بدون استثناء، دون أن يتخصص في نوع معين من العمل الثوري، دون أن يأخذ على عاتقه المسؤولية عن إحدى الواجبات الخاصة، دون أن يقوم بعمل محدد وينجزه إلى آخره بعد أن أخذه على عاتقه وجرت دراسته والإعداد له بصورة شاملة ويهدر بالتالي كثيرا من الوقت والطاقة في الضجيج الراديكالي، في حين أن هناك، من جانب آخر، جمهرة كبيرة من حلقة الطلبة والعمال، نصفها لا تعلم اللجنة عنه أي شيء ونصفها الآخر بطيء ويفتقر إلى التخصص بالقدر نفسه ولم تتح له الفرصة إلا قليلا لاكتساب خبرة الثوريين المحترفين أو الانتفاع من خبرة الآخرين، يستهلك وقته بكونفرنسات لا تنتهي«حول كل شيء»، وبالانتخابات ووضع مسودة للنظام الداخلي مثل اللجنة بالضبط. إذا أريد أن يعمل المركز كما ينبغي، يجب على اللجان المحلية وأكثر «علمية»، قادرة على الوصول إلى«كمال» حقيقي في هذا الميدان أو ذاك من ميادين النشاط العملي. ليس من شأن المركز فقط تقديم النصح والإقناع والمناقشة (مثلما كانت عليه الحالة سابقا) وإنما عليه في الحقيقة قيادة الأوركسترا، ولهذا فمن الضروري معرفة من يعزف على هذه الآلة أو تلك بدقة وأين وكيف. أين وكيف استلمت التعليمات وتستلم عند العزف على كل آلة ومن هو الذي يعزف نشازا (وقت أن تبدأ الموسيقى تصر في الأذن) وأين ولماذا ومن هو الذي ينبغي نقله وكيف وإلى أين وذلك لكي يكون بالإمكان معالجة التنافر، الخ. في الوقت الحاضر ــ وهذا أمر يجب أن يقال بصراحةــ نحن إما لا نعرف شيئا عن العمل التنظيمي للجنة من اللجان، اللهم إلا من نداءاتها ومن مراسلاتها العامة، أو أننا نعرف شيئا عنها من أصدقاء ومعارف طيبين. غير أن من السخف أن نتصور أن حزبا ضخما، قادرا على قيادة حركة الطبقة العاملة الروسية ويستعد لشن هجوم على الأوتوقراطية، يمكنه أن يكتفي بشيء كهذا. ينبغي تقليص عدد أعضاء اللجان، يجب أن يعهد إلى كل منهم، كلما كان ذلك ممكنا، بوظيفة محددة، خاصة وهامة، يجري على أساسها محاسبته، يجب إقامة مركز توجيه خاص وصغير للغاية وكذلك شبكة من الوكلاء التنفيذيين والعمل على تطويرها وربط كل لجنة بكل مصنع كبير ومواصلة التوزيع المنتظم للأدبيات وإعطاء المركز صورة دقيقة عن هذا التوزيع وعن ميكانيزم العمل كله، وأخيرا يجب تشكيل مختلف المجموعات والحلقات التي تأخذ على عاتقها أداء مختلف الوظائف أو توحيد الأشخاص القريبين من الاشتراكيين الديمقراطيين وذلك لكي تكون اللجنة والمركز على علم دائم بنشاطات هذه الحلقات(وبتركيبها) ــ على هذه التوجيهات ينبغي أن يعاد تنظيم لجنة سانت بطرسبورغ وسائر اللجان الأخرى للحزب، ولهذا السبب فإن موضوع النظام الداخلي لا يحتل إلا أهمية ضئيلة للغاية.

شرعت بتحليل مسودة النظام الداخلي انطلاقا من هدف إبراز المغزى الذي ينطوي عليه اقتراحي بصورة أوضح وآمل أنه نتيجة ذلك قد صار واضحا إلى القارئ لكي يكون من الممكن البدء من دون حاجة إلى نظام داخلي والاستعاضة عنه بتقارير منتظمة حول كل حلقة وكل جانب من جوانب العمل. ماذا يمكن للمرء أن يدرج في النظام الداخلي؟ إن اللجنة توجه عمل الجميع (وهذا واضح بحد ذاته). إن اللجنة تنتخب مجموعة تنفيذية (وليس هذا ملزما في جميع الأحوال وإذا لادعت إليه الحاجة فلا تتعلق المسألة بوجود نظام داخلي وإنما بإعلام المركز بتركيب هذه المجموعة والأعضاء المرشحين إليها). إن اللجنة توزع مختلف ميادين العمل بين أعضائها، تلزم كل عضو فيها أن يقدم تقريرا منتظما إلى اللجنة وتبقى ص.م و ل.م. على علم بسير العمل(هنا أيضا يعتبر إعلام المركز بأية مهمات جرى توزيعها أكثر أهمية من أن ندرج في النظام الداخلي بندا غالبا ما يجري تجاهله بسبب قلة قوانا). على اللجنة أن تحدد بالضبط من هم أعضاؤها. الأعضاء الجدد يضافون إلى اللجنة بالاختيار. إن اللجنة تعين مجموعات المنطقة واللجان المتفرعة للمصنع وبعض المجموعات الأخرى (وإذا شئتم تعدادها فلن تنتهوا منها ولا حاجة إلى تعدادها في النظام الداخلي إذ يكفي إعلام المركز بتشكيلها). تنظم مجموعات المنطقة واللجان المتفرعة الحلقات التالية... ليس هناك أقل فائدة من وضع هذا النظام الداخلي في الوقت الحاضر طالما كنا نفتقر من الناحية الفعلية إلى خبرة حزبية عامة(نفتقدها كليا في بعض الأماكن) وذلك فيما يخص نشاطات مختلف المجموعات والمجموعات المتفرعة من هذا النوع ومن أجل أنم نكتسب مثل هذه الخبرة فإننا لا نحتاج إلى نظام داخلي بل إلى تنظيم المعلومات الحزبية، إذا كان التعبير واردا. إن كل منظمة من منظماتنا المحلية تنفق الآن ما لا يقل عن بضع أماس لمناقشة النظام الداخلي. غير أنه بدلا من هذا، لو قام كل عضو بتكريس هذا الوقت لكتابة تقرير مفصل وجيد الإعداد إلى الحزب كله حول الوظيفة التي يقوم بها، لكانت فائدة ذلك إلى عملنا أعظم مائة مرة.

والنظام الداخلي لا نفع فيه لا لأن العمل الثوري لا يتناسب دوما مع شكل تنظيمي محدد. كلا، فالشكل التنظيمي المحدد ضروري وعلينا أن نحاول إعطاء مثل هذا الشكل إلى سائر جوانب عملنا بقدر الإمكان. وهذا أمر مسموح به إلى حد أبعد مما نعتقده، عادة، ولا يمكن أن يتحقق إلا من خلال إرسال المعلومات الدقيقة إلى مركز الحزب فقط (وعلينا أن نعيد ونكرر) ففي تلك الحالة وحدها سيكون عندنا شكل تنظيمي حقيقي يتصل بمسؤولية حقيقية وبالدعاية(الحزبية الداخلية).

من منا لا يعرف أن النزاعات الخطيرة واختلافات الرأي لم يحسمها التصويت في الواقع «طبقا للنظام الداخلي» وإنما من خلال الصراع والتهديدات «بالاستقالة»؟ فخلال السنوات الثلاث أو الأربع الماضية من حياة الحزب كان تاريخ معظم لجاننا طافح بمثل هذا النزاع الداخلي. ومن المؤسف جدا أن مثل هذا النزاع لم يتخذ له شكلا محددا وإلا كان أنفع بكثير للحزب ولكان قد أضاف قدرا كبيرا من الخبرة لمن يأتون بعدنا. ولكن أي نظام داخلي لا يستطيع خلق مثل هذا التحديد النافع والضروري للشكل التنظيمي. فهذا الأمر لا يمكن أن يحصل إلا من خلال الدعاية الحزبية الداخلية. في ظل الأوتوقراطية ليس بيدنا وسيلة أو سلاح آخر للدعاية الحزبية الداخلية إلا طريق إبقاء مركز الحزب علم منتظم بالأحداث الداخلية التي تجري داخل الحزب.

فقط بعد أن نكون قد تعلمنا كيف نطبق هذه الدعاية الحزبية الداخلية على نطاق واسع سوف يكون بوسعنا أن نكدس الخبرة في تشغيل مختلف التنظيمات. وعلى أساس مثل هذه الخبرة الواسعة فقط التي تجمعت على مدى فترة طويلة من السنين سيكون بمقدورنا أن نضع نظاما داخليا لا يكون مجرد حبر على ورق.

كتبها لينين في أيلول عام 1902

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire